الجمعة، 22 أبريل 2011

الدرس الـــ 14ــــ : ~ الـورع ~ مقدم من فريق || راجيـــــات الجنة || ~



والصلاة والسلام على أشرف الأنبيـاء والمرسلين نبينـا محمد وعلى آلـــــهـ وصحبهـ وسلم أجمعيــــن

ثم أمـــا بعد ..

تحيـــــة طيبة وعطرة للجميــع وأهلاً وسهلاً بكم أينمـا كنتم =)

نسعد بوضع جديد دروسنـا معكم وها نحن اليوم نتكلّم عن [ الـورع]

ربمـا الكثير لا يعرف ما معنـاهـ !

إن من السهولة أن يكون المُسلم مُصلياً أو صوّاماً أو قوّاماً أو داعية أو خطيباً أو معلماً أو حتى عالماً

ولكن من الصعوبة أن يكون ورعـاً ؛ فإن الورع رُتبة عزيزة المنال ، رفيعة المكان , ومتى ما ارتقى الإنسان

إلى مرتبة الورع فقد نال أسمى المراتب ، وتحلى بأجمل المناقب التي تؤهله لمنزلة النبيين والصديقين والشهداء

وإن ما نلاحظه من قلّة البركة ، وفساد الثمرة ، وتردي الأخلاق ، وكثرة الشقاق ، والإنكباب على الشهوات

والتلّطخ بالشُبهات ، والإنهماك في الملذات ، والتهاون بالذنوب ، وضياع الحقوق ، ومظاهر العقوق

لهو نتيجة لغياب مفهوم الورع !

فما الورع ؟ وما فضله ؟ وما أنواعه ؟ وما ضوابطه ؟ ومـا درجته ؟ وما مظاهـره ؟!

بإذن الله سوف نوضّح كل هذا الآن .. بسم الله وعلى بركـة الله نبدأ ^^





:: تعريف الـورع ::

لغة : التحرُّج والكف عمّا لا ينبغي

شرعـاً : ترك ما يُخاف ضرره في الآخره << ذكره ابن القيم في مدارج السالكين ( نزهة الزهد ) عن ابن تيمية


وقال : هذه العبـارة أحسن ما قيـل في الورع ..

وقد وردت تعريفات كثيرة للورع ومنها قولهم : الورع : ترك ما يريبك ، ونفي ما يعيبك


والأخذ بالأوثق , وحمل النفس على الأشق


وقيل : هو تجنب الشبهات ، ومراقبة الخطرات


وقال ابن تيمية - رحمه الله - : هو الورع مما قد تخاف عاقبته

وقيل : هو عبارة عن ترك التسرع إلى تناول أعراض الدنيا


وقيل : هو ترك كل شبهة

وقال يحيى بن معاذ : الورع على وجهين : ورع في الظاهر وورع في الباطن

فالـورع الظاهر : أن لا يتحرك الإنسان إلاّ لله

والـورع الباطن : هو أن لا تدخل قلبك سوى الله

وقال آخر : الورع هو الخُروج من كل شبهة ، ومحاسبة النفس في كل طرفة عين


✿ :: فضــل الورع :: ✿

قال عليه الصلاة والسلام « كن ورعـاً تكن أعبد النـاس » رواهـ ابن ماجه في الزهد

وقال عليه الصلاة والسلام « فضلُ العلم أحبُّ إليّ من فضل العبادة , وخيرُ دينكم الوَرَعُ » رواهـ البيهقي في الزهد



:: أنــواع الـورع ::


ورعُ واجـب : وهو الروع عن فعل المحرمـات وترك الواجبات , وأمثلته لا حصر لها


ورعُ مُستحب : وهو الورع عن ترك المكروهـات وفعل المستحبات , وأمثلته لاحصر لها


ويدخل فيه الورع عن الشبهة , ومن أمثلته قول النبي صلى الله عليه وسلم « إني لأنقلب إلى أهلي فأجد
التمرة الساقطة على فراشي , فأرفعهـا لآكلهـا , ثم أخشى أن تكون صدقـة فألقيهـا » رواهـ البخـــاري

وهذا الحديث أصل من أصول الورع , فالنبي صلى الله عليه وسلم تحرم عليه الصدقــة , وهذه التمرة

احتمـل فيها أمران : إمّـا أن تكون من مـال النبي عليه الصلاة والسلام , أو من مـال الصدقـة المحرّم عليه

فلّمـا اشتبه عليه أمرهـا تركهـا تورُّعــــاً ..


:: ضوابــط في الـورع ::


هذه بعض الضوابـط التي لابد من معرفتهـا لتحقيق الـورع المشروع , وينتج عن الإخلال بها أو ببعضها
ورع فـاسد غير مشروع , إمّـا غلوُّ مذمـومٌ , أو تقصيـرٌ ممنوعٌ :

1 / الـورع يكون في فعل الواجب , وترك المحرم , كمـا يكون أيضـاً في فعل المستحب , وترك المكروه
ويكون أيضـاً في ترك مـا أصله مبـاح ؛ إمـا لشبهة عـارضة , وإمـا لخوف جَلْبِه مفسدةً أو غير ذلك


ممـا قد يعرض للمبـاح , أمـا المباح المحض فلا يصلح فيه الورع ؛ لأنه لا يُخاف ضرره .


2 / أن يكون الورع صـادراً عن علم حاصل بالأدلـة الشرعيـة ؛ الكتاب والسُنّة
أمـا الـورع الذي مصدره الجهلُ أو الإحتيـاطُ الفاسد , فقد يؤدي إلى فسـاد عظيـم .

3 / الموازنة بين المفاسـد والمصالـح , فمـا غلبت مصلحته فالورع فعله , وما غلبت مفسدته فالورع تركـه .





:: درجـة الـورع ::


درجته عالية ، ورتبته رفيعة ، ومنزلته بعيدة لا يصل إليها ولا يرتقي إليها إلاّ الأفذاذ من العباد

ولذلك تجد أن الذين اشتهروا بالورع على مر التاريخ هُم أناس قلائل ، وأفراد أوائـل

وإذا قيل في القرون المفضلة « لولا سُفيان الثوري لمات الورع » فما بالكم ببقية القرون !

فالورع مرتقى صعب ، ومرتبة شاقة ، وهو ملاك الدين ، وجوهر التقوى ، وزمام الأمر

يقول الحسن البصري - رحمه الله - : مثقال ذرة من الورع خير من ألف مثقال من الصوم والصلاة - أي النفل -

وقال محمد بن واسع - رحمه الله - : يكفي من الدعاء مع الورع اليسير منه

وقال حبيب بن أبي ثابت - رحمه الله - : لا يعجبكم كثرة صلاة امرئ ولا صيامه ، ولكن انظروا إلى ورعه

فإن كان ورعـاً مع ما رزقه الله من العبادة فهو عبد لله حقـاً


:: مظــاهر الـورع ::

مظاهر الورع كثيرة جداً ، فالورع يكون في النظر بحفظه عن الحرام وغضّه عن الفتن


ويكون في السمع ، ويكون في اللسان , ويكون في البطن فلا يأكل أو يشرب إلاّ ما اطمأن إلى جوازه ونفعه


ويكون في الفرج بحفظه عمّا حرم الله , ويكون في المشي والسفر ، ويكون في البيع والشراء ..




* وإليكم بعض النماذج الرفيعة لأرباب الـورع :




أعظم الناس إيمانـاً وأكملهم ورعـاً محمد صلى الله عليه وسلم وهو الذي عاش يبث في نفوس أصحابه مفهوم الورع

وعبقاً من حقيقة التقوى بقوله وفعله وسمته وخلقه , يقول صلى الله عليه وسلم « البر ما سكنت إليه النفس


واطمأن إليه القلب والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون » صحيح الجامع

وهذه الإجابة وذلك التوجيه للإنسان المؤمن ، أما الفاسق والفاجر فإن الإثم لا يحوك في صدره ، بل ربما يتلذذ بالمعاصي

ويستمتع بالآثام ، وهي متع ظاهرة ، وتلذذ مغشوش ، ولكن المُسلم يجد لصدره انفساحـاً ، ولفؤاده انشراحـاً مع البر ودروبه

ويجد في صدره ضيقـاً ، وفي قلبه حرجـاً حين التلّبس بالإثم ودواعيه

ويقول صلى الله عليه وسلم « إنك لن تدع شيئـاً اتقاء لله عزّ وجل إلاّ أعطاك الله خيراً منه » رواهـ أحمد

ويقول صلى الله عليه وسلم « أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ أمانة
وصدق حديث ، وحسن خليقة ، وعفة في طعمة » صحيح الجامع

ويعطي صلى الله عليه وسلم قاعدة عظيمة في الورع ، فيقول « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك » أخرجه أحمد والنسائي

وجمع صلى الله عليه وسلم الورع كله في كلمة ، فقال « من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه » صحيح ابن ماجة

أي : ترك ما لا يعني من الكلام ، وما لا يعني من النظر ، ومن الاستماع ، ومن المشي ، ومن الفكر
ومن سائر الحركات الظاهرة والباطنة فمن ترك ما لا يعنيه من كل ذلك فقد ارتقى إلى مرتبة أهل الورع ..
وكان صلى الله عليه وسلم يروي لأصحابه بعض قصص الورع لتكون نبراسـاً لهم


يمضون على نهجهـا , ويقتبسون من هدّيهـا
فيقول صلّى الله عليه وسلم « اشترى رجل من رجل عقارا له فوجد الرجل الذي اشترى العقار في


عقاره جرة فيها ذهب. فقال له الذي اشترى العقار خذ ذهبك مني إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع
منك الذهب ، وقال الذي له الأرض إنما بعتك الأرض وما فيها فتحاكما إلى رجل ، فقال الذي تحاكما
إليه : ألكما ولد؟ قال أحدهما : لي غلام ، وقال الآخر : لي جارية ، قال أنكحوا الغلام الجارية


وأنفقوا على أنفسكما منه وتصدقوا » صحيح الجامع

الورع يطهّر دنس القلب ونجاسته كما يطهّر الماء دنس الثوب ونجاسته وهو صون النفس

وحفظها وحمايتها عمّا يُشينها ويُعيبَها ويزري بها عند الله عزّ وجل وملائكته وعباده المؤمنين وسائر خلقه

فإن من كرمتْ عليه نفسه وكبرت عنده صانها وحماها وزّكاها وعلاها ، ومن هانت عليه نفسه وصغرتْ عنده

ألقاها في الرذائـل ، وأطلق عنانها وحلّ زمامها


« ذكر صلى الله عليه وسلم الرجل أشعث أغبر يمدُ يديه إلى السماء : يا رب يا رب


ومطعمه حرام ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب له » صحيح مسلم


سُئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن أفضل الناس فقال « كل مخموم القلب صدوق اللسان »


قالوا صدوق اللسان نعرفه ، فما مخموم القلب ؟ قال « هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غِلّ ولا حسد » صحيح ابن ماجة


ويقول أبو حامد الغزالي - رحمه الله - : لن يعدم المتورع عن الحرام فتوحا من الحلال .


ويقول الشافعي - رحمه الله - : زينة العلم الورع والحلم .
وقال طاوس - رحمه الله - : مثل الإسلام كمثل شجرة فأصلها الشهادة وثمرها الورع ولا خير في شجرة لا ثمر لها ، ولا خير في إنسان لا ورع له .
وقال سفيان الثوري - رحمه الله - : عليك بالورع يخفف الله حسابك ، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، وادفع الشك باليقين يسلم لك دينك .
وقال أبو هريرة - رضي الله عنه - ‏: جلساء الله غدا أهل الورع والزهد .
* أمثلة على مـا ينبغي فيه الـورع :


أ / ورع البـاطن : بترك العمل لغير الله , وتطهيـر القلب من الريـاء .


ب / الطعـام والشراب : ومن أعظم الـورع , الورع في المطاعم والمشارب
وذلك بتحري الحلال والبعد عن الحرام , أو مـا فيه شبهة لم تتبيّن .


ج / المنطق والكلام : ولشدّته قال بعض السلف , الورع في المنطق أشد أشد منه في الذهب والفضة .


د / التورّع في الفتوى : وذلك بترك الإقدام عليهـا دون علم وتثبّت .


هـ / في البيـع والشـراء : ومن أمثلته , التورع عن بيع السلعة المعيبة مع إخفـاء عيبهـا ولو لم يكن ظـاهراً
فمن الـورع بيانه وإن نزلت قيمتهـا , والـورع في إعطـاء البائع الدراهم الممزقـة ووضعهـا بين السليمة حتى تختفي .


و / الـورع في المشتبهـات : والمراد بالمشتبهات أمـور بين الحلال والحرام تشتبه على كثير من الناس
هل هي من الحلال أم من الحرام ؟ أمـا الراسخون في العلم فلا يشتبه عليهم الأمـر وذلك لأنهـا
لا تكـون مشتبهة في ذاتهـا ؛ لأن الله قد بيّن الحلال والحرام , لكن تشتبه لمن لم يعلمهـا .

ز / الورع عن الخوض في أعراض النـاس وأموالهـم .





:: أغلاط النـاس في الـورع ::

قد غلط الناس في الورع قديمـاً وحديثـاً على أوجه متنوعـة , ترجع غالبهـا إلى الإخلال بأحد الضوابـط السابقة
فإليكم بعضـاً منهــــا :


1 / فمن الناس من أخطـأ في الورع , وقصَره على اجتناب المحرمـات ؛ دون فعل الواجبات ؛ فتورّع عن الكذب


وكسب المـال الذي فيه شبهة ونحو ذلك , لكنه مع هذا ترك أموراً واجبة عليه , كصلة الرحم وحق الجـار
وحق ذي سلطـان والعلم وترك الأمـر بالمعروف والنهي عن المنكـر والجهـاد في سبيـل الله .
وهذا الورع قد يوقع صاحبه في البدع الكبـار , فإنّ ورَع الخوارج والمعتزلـة وبعض الفرق الضّالة كان من هذا الجنس
فتورّعـوا عن الظلم , وما اعتقدوه ظلمـاً من مخالطة الظلمة في زعمهم حتى تركوا لأجـل ذلك الواجبـات الكبـار
كالجمعة والجمـاعة والحجّ والجهـاد مع السلطـان .


2 / ومن النـاس من كـان ورعه في اجتناب المحرّمـات غير مبنيّ على دليل شرعي , بل على ما تنفر منه نفسه
ويخالف هواهـا ولأجـل هذا تتولدّ عنده أوهـام وظنون كـاذبة , فيقع في الورع الفاسد مع ظنّه صحّة ما هو فيه
ومن هؤلاء أهل الوسوسة في النجاسات , أو النيّة في العبـادات ونحو ذلك , وورعهم هذا الفاسد
مرّكب من نوع دين مع ضعف علم , قد يتبعه ضعف عقـل , وقد أنكر حـال هؤلاء الأئمة كأحمد بن حنبل , وغيــره
ومن هذا النـوع : الورع الذي ذمّـه رسول الله صلى الله عليه وسلم , ففي حديث عائشة - رضي الله عنهـا -
قالت : صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمـراً فترخص فيه , فبلغ ذلك ناسـاً من أصحابه , فكأنهم كرهوه
وتنزهوا عنه , فبلغه ذلك , فقـام خطيبـاً , فقـال « مـا بالُ رجـال بلغهم عني أمرٌ ترخّصت فيه , فكرهوه
وتنزّهوا عنه , فو الله لأنـا أعلمهم بالله , وأشدهـم له خشيـة » رواهـ البخـــــاري

3 / ومن النـاس من حمله ورعـه على ترك بعض الأمـور , ناظراً إلى جهة فسـاده , ولم يلحـظ ما يعارضـه
من جهة الصلاح الراجح على المفسـدة , وقد يحصـل العكس , فيفعـل بعض الأمـور ناظراً إلى جهة صلاحـه
دون أن يلحـظ ما يعارضه من جهة الفسـاد الراجح على المصلحة
فمن أمثلة الأول : من يترك الائتمـام بالإمـام الفاسق , فيفوت ما هو أعظم من ذلك , فيترك الجمعة والجمـاعة
ومن أمثلة الثـاني : من يرى أنه لا يمكن أداء واجب المناصحة للسلطـان الظالم إلاّ بالقتال الذي فيه من الفسـاد
وسفك الدمـــاء أضعاف ما عند الحاكم من الظلم


ومثل : من يقدم على إنكـار منكر , وهو يعلم أن صاحبه إذا أُنكر عليه زاد ضرره ومنكره إلى أعظم مما هو عليه .

هذا وأسأل الله العظيــم أن ينفع به .. اللهم وإهدنـا إلى أحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنهـا إلاّ أنت
اللهم وأعنّـا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتكـ
إلى هنــا ينتهي الدرس ..

إلى الملتقى إن شاء الله في درس جديد استودعتكم الله الذي لاتضيع ودآئعه 0

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليـــــك ..


الأربعاء، 6 أبريل 2011

الدرس الـــ13ــــ : ~ النيـــّـــة ~ مقدم من فريق || راجيـــــات الجنة || ~







أن الحمـد لله نحـمده وستعيـنه ونستغـفره ونسـتهديه ونعـوذ بالله من شـرور


أنفسـنا ومن


سيـئات أعـمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له


وأشهد أن لا إله إلا الله


وأن محمد الحبيب المصطفى عبد الله ورسوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم


أما بعــد ..


أحييكم جميعاً أحبتي بتحيه الإسلام ..|.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..|..


أتمنى .. أن تكونوا في صحة وعافيه جميعــاً








نبدأ بأفضل الحديث كتاب الله قال عزّ وجـل :


{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا


مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ


سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا


(20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا }


....


فالنّيـة .. أمــرها عظــيم فهي روح العـمل لـو تغـيرّت الـروح أو غـاب


مـات العـمل وانتـهى وانـقطع ..|ذكـره .. وأثـره|


ولهــذا كان حديثنـا عنها لأهميتها ولعظم شأنها


في كل شيء إذ لا تتم الأعمال إلا بها ..


...


قال عبد الله ابن المبارك .. [ اثنتان منجيتان واثنتان مهلكتان فالمنجيتان 
النية والنهي فالنية أن تنوي أن تطيع الله فيما يستقبل والنهي
أن تنهى نفسك عمّا حرم الله عزّ وجل ]


...


عمــدة الــدين عنــدنا كلـمات ... أربــع من كلام خير البرية


إتـق الشبهات وازهد ودع ما ... ليس يعنيك واعملّن .. بنيــة














النّـية : هي عزم القلب على فعل العبادة تقربـاً إلى الله تعالى


أشار في التعريف إلى ذِكر التقرب إلى الله بالامتثال وهو ما يخرج العادة إلى العبادة


والنية إنما يحتاج إليها في العبادات، وأما في المباحات فليست محل ثواب ولا عقاب لِذاتها


||




[.. محـــلّها ..]


محلّها .. القلب الأدلة على ذلك


قوله تعالى { لَهُمْ قُلُوبٌ لَايَفْقَهُونَ بِهَا }


وقال تعالى { وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوه }


وقال تعالى { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا }


وقال تعالى { فإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }




[.. الجهر بالنّيـة ..]
وأمـا الجـهر بها أوالنـطق بها سِـراً أو نطقـها باللسـان فليـس صحيحاً
|فإن النية محلها القلب |


لايوجد دليل يدل على مشروعية الجهر بالنية وعليه يكون الجهر بها بدعة !


وأن الله سبحانه وتعالى يعلم السرَّ وأخفى


قال تعالى { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ }







[.. الحكمة من مشروعيتها ..]


تمييز العبادات عن العادات .. وتمييز ما كان لله سبحانه وتعالى عمّا كان لغيره


وكذلك تمييز العبادات بعضها عن بعض فهذه فريضة وهذه نافلة ..


فالصيام مثلاً .. قد يكون حمية وقد يكون قُربة والغسل قد يكون تبرداً ونظافة


وقد يكون عبادة ولا يميز هذا عن ذاك إلاّ النـّـية














[.. النّيـة نوعـــــان ..]


النوع الأول نية مفروضة .. ولا تصح العبادة إلا بهـا


مثال : كالنيـة في الوضوء والصلاة والزكاة والصوم والحج وهذه النيـة لا يكاد يغفل


عنها أحد فإذا توضأ الإنسان ليصلي أو ليمس المصحف أو ليكون طاهراً فقد


أتى بالنية فقصد الصلاة أو قصد رفع الحدث هذا هو النية في الوضوء ..




||


النوع الثاني نية مستحبة لتحصيل الأجر والثواب وهذه التي يغفل عنها بعض


الناس وهي استحضار النية في المباحات لتكون طاعات وقربات ..










قال رسول الله صلي الله عليه و سلم :


إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى, فمن كان هجرته إلى الله ورسوله


فهجرته إلى الله ورسوله, ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها


فهجرته إلى ما هاجر إليه " صحيح البخـاري


حديث سمعنـاه كثيراً ولكن قليل منـا من تفكر فيه حقا من يتأمل هذا الحديث ويفهمه


جيداً يعلم أنه بالنية قد تتحول حياته كلها إلى عبادة وطاعة فهناك قاعدة تقول




|| النية الصالحة تحول المباحات إلى طاعات||


إذا أصلح العبد نيته لله فإن حركاته وسكناته ونومته ويقظته إذا ابتغى بها وجه الله


ونوى النية الحسنة فيها تحتسب خطوات إلى مرضاة الله .. وقد يعجز الإنسان عن


عمل الخير الذي يصبو إليه لقلة ماله أو ضعف صحته أو لأي سبب من الأسباب


الخارجة عن إرادته وهو في نيّتـه عمل ذلك لو استطاع إليه سبيلاً فيجازيه الله بحسب نيّتـه ..


تتفاضل الأعمال ويعظم ثوابها بحسب ما يقوم بقلب العامل من الإيمان والإخلاص


حتى إن صاحب النية الصادقة إذا عجز عن العمل يلتحق بالعامل في الأجر




قال الله تعالى { وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ 
فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }


لما انصرف رسُول اللَّه صلى اللّه عليه وسلم من غزوة تَبوك حين دنا من المدِينة




قَالَ " إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا ، مَا سِرْتُمْ مَسِيراً ، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا ، إِلَّا كَانُو مَعَكُمْ "


فبمجرد أن نوى العبد نية خالصة لوجه الله في سبيل القيام بأمر ما كتبت له حتى


وإن لم يستطع القيام بها فيما بعد .. وهذه نعمه من النعم التي


أنعم الله تعالى بها على عباده المؤمنين .. فـ لله الحمد والفضل والمنِّة






[ .. نذكركم ببعض العادات لعلّكم تستفيدون منها وتذكر من غفل عنها .. ]






من يأكل الطعام فقط لسدّ جوعه ليس بمثل الذي نيّتـه يأكل الطعام ليعينه 
على الطاعة والعبادة وأداء واجبات الحياة


||


من ينام ليستريح فقط ليس بمثل الذي ينام بنيّـه الإستعانة
على قيام الليل وبهذا إن لميقم يأخذ ثواب قيام الليل ، أو بنّيـه الإستعانة 
على الصلاة أو العمل أو الدراسة فيجازيه الله بقدر نيّته


||




الدراسة : فأدرس بنّيه أنه مُنسلك طريقـاً يلتمس به علمـاً سهل الله به طريقـاً إلى
الجنة وحتى أعزّ الإسلام بعلمي وهكذا كل لحظة مذاكرة وكل نظرة في الكتب عليها ثواب


||


تعليم الصغار .. فكثير منا يضجر من أخوته الصغار عند تعليمهم أو تدريسهم ولكن استحضر
نيّة أن كل حرف علّمته أو آية أحفظتها له أو ذكر يصبْ في ميزان حسناتك في كل حرف يقرأ


||


ممارسة الرياضة : أمارس الرياضة لأن عندي طاقة فأفرغها في طاعة بدل من
معصية ولأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف


||


عند ارتداء الحجاب استحضر نيّة أني ألبسه طاعة لله وعباده فرضها




||


الجلوس على الإنترنت : لخدمة دين الله ونفع المسلمين نستفيد شيء ينفع في أمور ديننا أو
دنياي و لأن المسلم يجب أن يكون مثقف ويواكب عصره


||


من أراد أن يضيف عاده إضافية ننتفع منها ويكون قد دل على خير أو أحيا سنة فليفعل :)




||


[.. والذي يعين على استحضار النية ..]


التأني والتدبر وعدم العجلة فيفكّر الإنسان فيما يأتي ويترك ويحاسب نفسه قبل


العمل فينظر هل هو حلال أم حرام ، ثم ينظر في نيتّه : ماذا أراد بذلك ؟ فكلّما


حاسب نفسه .. وعوّدها النظر قبل العمل .. كلّما كان ذلك أدعى لتذكره أمر النيّه ..


حتى يصبح ذلك ملكٌ له .. وعادة يعتادها فلا يخرج ولا يدخل ولا يأكل ولا يشرب ولا


يعطي ولا يمنع إلاّ وله نيّه في ذلك وبهذا تتحول عامة أوقاته إلى أوقات عبادة وقربة









[.. إخلاص النّيـة ..]


إخلاص النية أساس القبول


ولابد من استحضار النية من تجريدها من كل الشوائب والرغبات الذاتية والدنيوية


وإخلاصها لله تعالى في كل عمل من أعمال الآخرة ، حتى يجوز القبول عند الله


ذلك أن لكل عمل صالح ركنين لا يقبل عند الله إلا بهما


أولهما الإخلاص وتصحيح النية


وثانيهما موافقة السنة ومنهج الشرع


يقول ابن عطاء الله : الأعمال صور قائمة ( كالتماثيل ) وروحها وجود سر الإخلاص فيها ..


بدون الإخلاص إذاً لا يقبل عمل مهما يكن ظاهره الخير والصلاح


عن أبي هريرة قال : قال رسوله الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى :


" أنا خير الشركاء ، من عمل عملاً ، اشرك فيه غيري ، فأنا منه بريء ، هو للذي أشرك به " رواهـ مسلم


فأن عدم الإخلاص في النّيـة قد يوقع الإنسان في ظلام الشرك










قال معاذ رضي الله عنه " أما أنا فأنام وأقوم فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي "


فكان رضي الله عنه يحتسب الأجر في النوم , كما يحتسبه في قيام الليل ..


لأنه أراد بالنوم التقوي على العبادة والطاعة


استحضار القلب قبل أو أثناء العمل .. أي استحضار عظمه الله تعالى كأنه ناظر إليك و


استحضار الجنّة والنار أما معينيك ،واستحضار وقوفك بين يدي الله تعالى


ومرورك علي الصراط و هل سيكون حبوا أو مشيا أو جريا أو كالبرق


وألا تبالي بنظر الناس إليك فلن ينفعك أو يضرك أحدهم بشيء ..












على قدر نيّـة العبد وهِمّته ومراده ورغبت


يكون توفيق الله له وإعانته .. فالمعونة من الله تنزل على قدر هِمَمِهم


اللهم اجعل كل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم و لا تجعل لأحد من خلقك فيها شيئـاً ..


اللهم اجعلنا من الذين إذا علموا عملوا ، وإذا عملوا أخلصوا ، وإذا أخلصوا


قُبِلوا عندك يارب العالمين .. اللهم آميــــن






||





إلى الملتقى إن شاء الله في درس جديد استودعتكم الله الذي لاتضيع ودآئعه 


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليـــــك ..


لاتنسونا من صالح دعائكم ..


||





الدرس الـــ12ــــ : ~ الصبـــــر ~ مقدم من فريق || راجيـــــات الجنة || ~




والصلاة والسلام على أشرف الأنبيـاء والمرسلين نبينـا محمد وعلى آلـــــهـ وصحبهـ وسلم أجمعيــــن

ثم أمـــا بعد ..


تحيـــــة طيبة وعطرة للجميــع وأهلاً وسهلاً بكم أينما كنتم =)

بداية .. ورد ذكر الصبر أكثر من تسعين مرة وفي مواطن مختلفة في القرآن الكريم وذكرت كلمة الصبر 102 مرة

حيث قال تعالى { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

وقد أمر الله نبيه بالصبر وبشره وبشر الصابرين قال تعالى { فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }

وقد قرن الله تعالى الصبر بالعبادات حيث قرنه بالصلاة قال تعالى { وَاستَعِينُوا بِالصّبرِ وَالصّلاة }

قال النبي محمد صلي الله عليه وسلم : " ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر "


قال رجل للإمام أحمد :

كيف تجدك يا أبا عبد الله ؟ قال : بخير في عافية ، فقال له : حممت البارحة ؟
أي : أصابتك الحمى قال : إذا قلت لك : أنا في عافية فحسبك ، لا تخرجني إلى ما أكره
( أي انه لا يرد أن يشكي حاله فيضيع أجر صبره )


ويحث شاعر على الصبر قائلاً :
ترَدَّ رِدَاءَ الصـبر عنـد النــــــوائـبِ *** تَنَلْ مِن جميل الصبر حُسن العواقبِ
فإذا بُليتَ بعثـرة فاصـبر لهـــا *** صَبْرَ الكـريم ، فـإنّ ذلك أحــــزمُ
لا تشكُــــوَنّ إلـى الخـلائق إنّمــا *** تشكو الرحيمَ إلى الّذي لا يرحــــمُ


ومن الأمثال الشعبية قيل :
الـصبر مـفـتاح الفرج .. الصـبر بلــسم الجـروح
الصبر شجرة جـذورها مرة وثمارها حلوة .. من صبر ظــفر
مــن صبر وتـأنــي نـال ما تمنـى .. والصـبر ستـر للكروب وعون على الخطوب

فيتضح مما سبق ذكره أن درسنـا لهذا اليوم هو ( الصبــــر )

نبدأ على بركة الله ..







معنى الصبر لغة : الحبس والكفُ والمنع
أمـا معناه الشرعي : فتأتي الإشارة إليه في ذكر أنواع الصبر , إذ لكل نوع مفهوم .



✿ :: أهميـة الصبر :: ✿

لا يمكن أن تستقيم حياة امرئ بدون الصبر , فهو محتاج إليه في صلاح دينه ودنياهـ , إذ إن كل عمل لابدُ أن يكون فيه كلفة ومشقة

قلّت هذه الكلفة أو عظمت , ولابدُ لذلك من صبر يناسب العمل لمن أراد حصوله , ولذلك جاءت النصوص بالحث عليه

حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه " الصبر نصف الإيمـان " وقال العلمـاء : الإيمان نصفُ صبر , ونصفُ شكـر .



✿ :: من فضـائل الصبر :: ✿

وردت نصوص كثيرة في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان فضل الصبر وما أعده الله للصابرين
وبها تتبين منزلة الصبر في الدين وأهميته للعبد ومن تلك الفضـائل :


1- أنه ما من قربة إلا وأجرهـا بتقدير وحساب إلا الصبر , قال تعالى { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
ولأن الصوم من الصبر فإن ثوابه أيضـاً غير محسوب , قال صلى الله عليه وسلم : " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنةُ عَشْرُ أمثالها
إلى سبعِمِائةِ ضِعْفٍ , قال الله عز وجل : إلاّ الصومَ فإنه لي وأنـا أجزي به ... " رواهـ البخــاري

2- ما تضمنته هذه الآية العظيمة من البشـارة لهم , قال تعالى { وَبَشّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ ٱلَّذِينَ إِذَا أَصَـٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ
إِنَّالِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رٰجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُون }

3- معية الله الخاصة , ومحبته للصابرين , قال تعالى { وَاْصْبِرُواْ إنَّ اْللَّهَ مَعَ اْلصَّابِرِينَ } وقال عز وجل { وَاْللَّهُ يُحِبُّ اْلصًّابِرِينَ }

4- أن الصبر خير لأصحـابه , قال تعالى { وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }
وقال صلى الله عليه وسلم : " ما أعطي أحدُ عطـاءً خيراً وأوسع من الصبر " رواهـ البخـاري .

5- أن الله أوجب لهم الجزاء بأحسن أعمالهم , قال تعالى { وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَاكَانُواْ يَعْمَلُونَ }


✿ :: أنواع الصبـر ثلاثـة أقسـام :: 

1- صبر على طاعة الله عز وجل , والمراد به : حبس النفس على القيام بالطاعة والمداومة عليها ,
كالصبر على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها مع المسلمين
والصبر على إخراج الزكـاة , وبرِّ الوالدين .

2- صبر عن معاصي الله عز وجل , والمراد به : حبس النفس عن ارتكاب المعصية , ومنعها من الاسترسال مع الهوى ,
وذلك كالصبر على منع النفس من النظر الحرام ومجاهدتها في ترك المـال الحرام , والصبر على ترك الغيبة وأصحـاب السـوء .

3- صبر على أقدار الله المؤلمـة , والمراد به : حبس النفس عن الجزع والتسخط , واللسـان عن الشكوى ,
والجوارح عن فعل ما لا ينبغي كلطم الخدود وشق الثيـاب ونحوهـا , و ذلك كالصبر على فقد أخ أو قريب ,
أو فقد مـال أو على مرض , ويدخـل فيه أيضـاً الصبر على أذى النـاس
وضدهـ : التسخُّط والتشكي واستبطـاء الفرج واليـأس من روح الله والجزع الذي يؤدي إلى
فوات الأجر وتضاعف المصيبة ونقصـان الإيمـان .


✿ :: من آداب الصبـر :: ✿

الصبر على أقدار الله المؤلمة له آداب ينبغي مراعاتها , من أبرزهـا :

1- أن يكون الصبر في أول حدوث المصيبة , قال صلى الله عليه وسلم : " إنمـا الصبر عند الصدمة الأولـى "

2- الاسترجـاع عند المصيبة وهو قول " إنـَّا للَّه وإنـَّا إليه راجعون "
وقال تعالى { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }
وفي حديث أم سلمة - رضي الله عنه - أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من مسلم تصيبه مصيبة ,
فيقول ما أمره اللَّه : إنـَّا للَّه وإنـَّا إليه راجعون , اللهم أجرني في مصيبتي , واخلف لي خيراً منها إلا أخلف اللَّه له خيراً منها "
رواهـ البخـاري
قالت : فلمـا مات أبو سلمة , قلت : أيُّ المسلمين خيرٌ من أبي سلمة ؟! أوَّل بيت هاجر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ,
ثم إنِّي قلتهـا , فأخلف الله لي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رواهـ مسلم .

3- سكون الجوارح واللسـان عند حدوث المصيبة , أمـا البكـاء بدون نياحة وبدون ورفع الصوت ( جــائز )
وإن الصبر يحتاج إلى مجـاهدة وتصبُّر , سواء أكـان ذلك لفعل الطاعات , أم لترك المنكرات ,
أم للصبر على المكـاره والآفـات وأذى الناس , ولابد أن يجد المرء لذلك ثقلاً , لكنه باستمراره في طريق الصبر يعينه اللَّه على تحصيـله ,
ثم يجد عاقبته الحميدة في الدنيـا والآخرة .
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " ومن يتصبَّرْ يصبِّره اللَّه " رواهـ البخـاري .
وهو أيضـاً محتاج إلى استعانته باللَّه تعالى , فهو المصبِّر والمعين , كما قال تعالى { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ }
يعني إن لم يصبِّرك هو لم تصبر , وقال فيمـا حكاه من قول موسى لقومه { اسْتَعِينُوابِاللَّهِ وَاصْبِرُوا }



هذا وأسأل الله العظيــم أن ينفع به , اللهم وإرزقنـآ الصبر والسلوان عند المصيبـــة

اللهم وإجعلنــا ممن يرضى بقضائك وقدرك خيره وشرّه , وصبّرنـا إذا إبتلينـا يارب العالميــــــن

اللهم وأعنّـا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتكـ

إلى هنــا ينتهي الدرس ..

إلى الملتقى إن شاء الله في درس جديد استودعتكم الله الذي لاتضيع ودآئعه 0

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليـــــك ..