الخميس، 5 يوليو 2012

الدرس الـــ 19ــــ : ~ التشبه بالكُفّــار وآثــارهـ ~ مقدم من فريق || راجيـــــات الجنة || ~







والصلاة والسلام على أشرف خلق الله نبينـا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً

 إلى يوم الدين .. ثم أما بعد :

تحيـة طيبة وعطرة للجميـع وأهلاً وسهلاً بكم أينما كُنتم وردة

درسنـا لهذا اليوم هو [ التشبّه بالكُفّـــار وآثــــارهـ 

نبدأ على بركـة الله ..







* حُكمـــه :
التشبّه بالكُفّـار فيما هو من شعائر دينهم أو شعاراتهُم المُختّصة بهم مُحرّم وعليه وعيـد شديد ؛ لأنّه من مظاهر موالاتهم وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " من تشبّه بقومٍ فهو منهُم " [ أخرجه أبو داود ] والتشبّه بهم يتفاوت في التحريـم بحسب المفسدة التي تحصل بسببه والآثـار المُترتبة عليه ويُمكن إجمـال ذلك فيما يلي :


1- ماهو كُفر : كالتشبّه بهم في ماهو من عقائدهم الباطلة وعبادتهم , كالشرك مثل :
أ ) تعظيـم معبوداتهم قال تعالى { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } [ الكافرون : 1 - 6 ]

ب ) طـاعة العُظمـاء في تحليل ما حرّم الله وتحريـم ما أحلّه , ومن ذلك تحكيم القوانين الوضعية بدلاً من الشريعة الإسلامية , قال تعالى { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اْللهِ وَ اْلمَسِيحَ اْبْنَ مَرْيَمَ } [ التوبة : 31 ] وقال تعالى { أًفَحُكْمَ اْلجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اْللهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ المائدة : 50 ]


2- ماهو بدعــة : أو من ذرائع الشرك ووسائله كبنـاء المساجد والقِباب على القبور قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الذين يبنون المساجد على قبور الصالحين ويصوّرونهُم " أولئك شرار الخلق عند الله " [ أخرجه البخاري ] وعن عائشة ـ رضي الله عنها وعن أبيها ـ أنّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال في مرضه الذي مات فيه " لعن الله اليهود والنصـارى اتخذوا قبورهم أنبيائهم مساجد " [ أخرجه البخاري ] وكذلك التشبّه بهم فيما ابتدعوه من الأعيـاد والمُناسبات وغير ذلك .



* ما لا يدخُل في التشبّه بالُكفّـار :
 أمّـا موافقة الكُفّـارفي بعض الأعمال التي يقومون بها وليست من خصائصهم فلا يعد تشبهاً بهم كتعلّم الصناعات المُفيدة , واتخـاذ القوة , والانتفاع بما لديهم من خبرات إدارية ومالية ونحوهـا مما لا يتعارض مع الشريعة ؛ فهذه مور مُشتركة أباحها الله لنا والأدلة على ذلك كثيرة فمنها قول تعالى { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اْسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ } [ الأنفال : 60 ] وقال تعالى { وَأَنَزلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اْللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [ الحديد : 25 ] فأخبر الله سُبحانه أن في الحديد منافع للناس عُمومـاً وقال تعالى { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اْللهِ اْلَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَاْلطَّيِّبَاتِ مِنَ اْلرِّزْقِ قُلْ هِىَ لِلَّذِيِنَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ اْلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } [ الأعراف : 32 ] 




* آثــار التشبّه بالكُفّـار :
للتشبه بالكُفّـار آثار خطيرة على عقيدة المُسلمين وعباداتهم وأخلاقهم ومصالحهم منهـا :


 1- أن التشبّه بهُم مخالفة صريحة لأمر الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد قال تعالى { فَلْيَحْذَرِ اْلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِه أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذّابٌ أَلِيمُ } [ النـور : 63 ] 
2- أن التشبه من مظاهر موالاة الكُفّـار , والتشبّه بهم في الظاهر قد يؤدي إلى محبّتهم في الباطن .
3- أن التشبّه بالكُفّـار يدل على الإعجـاب بهم .
4- أن فيه تبعية للكُفّـار وإذابة لشخصيـة المُسلمين وعزّتهُم .
5- أن التشبّه بالكُفّـار يؤدي إلى انحراف المُسلمين في دينهم بإحداث البدع والخرافـات المُستجلبة من دين الكُفّـار .



* منهج الإســلام في مُعاملة الكُفّـار :
الكُفّــار من حيث التعامل معهُم على أربعة أنواع :

النوع الأول : أهل الذمّـة وهُم المعاهدون على إقرارهم على دينهم وإقامتهم في بلاد المُسلمين تحت حماية الدولة الإسلامية , وهؤلاء يجب الوفـاء لهُم بالعهد ما داموا مُلتزمين بشروط العهد , فلا يجـوز الاعتداء عليهم في دمائهم وأموالهم وحقوقهم ؛ لأنّهـا معصومة لا يحل شئ منها إلاّ بوجه شرعي ؛ لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " من قتل مُعاهداً لم يرح رائحة الجنّة " [ رواه البخاري ] 
وقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ " ألا من ظلم مُعاهداً أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير
 طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة [ رواه أبو داود ] 


النوع الثاني : المُستأمنون وهُم الذين لهُم أمان كالسُفراء والمندوبين ومن قدم إلى بلاد الإسـلام لتجارة أو تعليم أو تعلّم ونحو ذلك , فهؤلاء يحترمون في دمائهم وأموالهم وحُقوقهم كما قال تعالى { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَكَ اْللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ }
[ التوبة : 6 ] 


النوع الثالث : المُعاهدون وهُم الكُفّـار الذين يكون بينهُم وبين المُسلمين عهد على ترك القتـال , فيجب الوفـاء بعهدهم
ويُحرّم الاعتداء عليهم قال تعالى { إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا
عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } [ التوبة : 4 ] 



النوع الرابع : المُحاربون وهؤلاء قد أمر الله بقتالهم حتى يُسلِموا أو يُعطوا الجزية كما قال تعالى { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [ البقرة : 190 ] وقال تعالى { وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً } [ التوبة : 36 ] وقال تعالى { قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } [ التوبة : 29 ]


إنّ التشبّه بالكُفّار وتقليدهم والسعي وراءهم في استعباد فكري وخنوع معنوي وتبعية مُهينة والله سُبحانه يُنادي
 ويقول { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ الأنعام : 153 ]
ولكن صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في الصحيحيـن حيثُ قال " لتتبعنَّ سُنن الذين من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع 
حتى لو سلكوا جُحر ضبّ لسلكتموه " قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال : " فمن ؟! "
وأخيراً إخوة الإسلام من أجل عودة صادقة وأوبة حقيقية علينا أن نُربّي نفوسنا وأجيالنا على الاعتصام بالكتاب والسُنّة وجعلهما حقاً لا رسماً منهاج حياتُنـا علينا أن نعرف حقيقة الحظيرة الغربية ونكشف عوارها لأمة الإسلام ، علينا أن نُربّي أنفسنا ومن تحت أيدينا على العلم والتفقّه في الدين علينا أن نعيش مع شباب الأمة تربية وتوجيهاً وتعليماً وتأديباً وفطرةُ الخير ما زالت ولكن أين من ينميها ويُحييها ؟!
علينا أن نُربّي أنُفسنا وأجيالُنـا على عزّة الإسلام وعظمته وعلى كره الكفار وبغضهم والتبصر بما يحيكونه ضد أهل الإسلام والله المُستعان ..


هذا والله أعلم .. ونسأله سُبحانه أن ينفعنـا وإياكم به ()
سُبحان ربك ربّ العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين
إلى هنــا ينتهي الدرس =)
وإلى الملتقى إن شاء الله في درس جديد نستودعتكم الله الذي لا تضيع ودآئعه وردة
سبحانك اللهم وبحمدك نشهدُ أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليـــــك ..





الاثنين، 2 يوليو 2012

الدرس الـــ 18ــــ : ~ البراء المشـروع والبراء الممنـوع ~ مقدم من فريق || راجيـــــات الجنة || ~






والصلاة والسلام على أشرف خلق الله نبينـا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً

 إلى يوم الدين .. ثم أما بعد :

تحيـة طيبة وعطرة للجميـع وأهلاً وسهلاً بكم أينما كُنتم وردة

درسنـا لهذا اليوم هو [ البراء المشروع والبراء الممنـوع 

نبدأ على بركـة الله ..







* البراء المشروع :
شرع الإسـلام البراءة والبُغض لكُل ما يُبغضه الله تعالى من الفسـاد والكُفر والمعاصي ومن تلبّس بشئ من ذلك اعتقاداً أو قولاً أو عملاً
فالمُسلم يتبّرأ أو يُبغض كُل ما يُبغضه الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما قال تعالى { وَاْللَّهُ لاَ يُحِبُّ اْلفَسَادَ } [ البقرة : 205 ] 
وقال تعالى { وَلاّ يَرْضَى لِعِبَادِهِ اْلكُفْرَ } [ الزمر : 7 ]

* مجالات البراء المشروع :
 للبراء المشروع والبغض مجالات عديدة يُمكن تلخيصها فيمـا يلي : 
1- بُغض الكافرين والبراءة منهم ومعاداتهم لأجل ما هُم عليه من الكُفر والشرك بالله تعالى , كما في قصة نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ 
والتي ذكرهـا الله تعالى بقوله { قَدْ كَانَتْ لًكُمْ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فيِ إِبْراهِيمَ وَ اْلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَآؤُاْ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُواْ بِاللهِ وَحْدَهُ } [ المُمتحنة : 4 ]

2- البراءة والبغض والابتعـاد عن كُل ما يُبغضه الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأعمـال والاعتقادات المُنحرفة وجميع أنواع الشر والفسـاد من كُفر وفسوق وعصيان وبدع ومُنكرات , ومما يدخل في ذلك البُغض والمُفارقة للكُفر ووسائله وكراهة الفسوق والمعاصي والبُعد عنها وعن التشبه بأهلها .

3- بُغض أهل الفسوق والظُلم والشر والفسـاد من المُسلمين وهذا البُغض لهذا الصنف بُغض جُزئي فهو بُغض معه حُب , فَيُبْغَضُون لما قام بهم من البدع والذنوب والفسـاد والشرور , ويُحبُّون ويُوَالَون لما معهُم من الإيمان والخير والحسنات التي يُحبّها الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويعمل معهُم من طرائق النُصح والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر ما يكون سبباً لهدايتهم قال شيخ الإسلام ( وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر , وتقوى وفجور , وطاعة ومعصية , وسُنّة وبدعة , استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير واستحق من المُعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر , فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة , فيجتمع له هذا وهذا , كاللص الفقير تُقطع يدهُ لسرقته ويُعطى من بيت المـال ما يكفيه لحاجته , هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السُنّة والجماعة وخالفهُم الخوارج والمُعتزلة ومن وافقهُم فلم يجعلوا الناس إلاّ مُستحقاً الثواب فقـط وإلاّ مُستحقاً للعقاب فقط ) [ مجموع الفتاوى 28 / 209 ]


* البراء الممنـوع :

هو البراء من الله تعالى أو من رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو مما يُحبّه ويرضاه الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأعمـال والأشيـاء والأشخاص وبُغض ذلك وكراهته , فمن أبغض الله تعالى أو رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو كره الإسـلام وأهله أو أبغض شيئـاً من الشرع فليس بمُسلم ؛ بل إنّ هذا من النفاق الأكبر والعياذُ بالله قال تعالى { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كًرِهُواْ مَآ أَنزَلَ اْللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } [ محمد : 9 ] 


* أخطــاء في مفهُوم عقيـدة البراء :

هُناك مفاهيـم خاطئة عند بعض الناس تتعلق بجوانب من عقيدة البراء منها ما يلي :

1- الظنّ بأن البراءة من غير المُسلمين ومُعاداتهم وبُغضهم يُجيز ظُلمَهُم والاعتداء عليهم وسلب حُقوقهم .
وهذا غير صحيح ؛ لأن بُغض غير المُسلم والبراءة منه لا يُجيز ظُلمه والاعتداء عليه ؛ لأن الله تعالى أمرَ بالعدل ونهى عن الظُلم مُطلقاً قال تعالى { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اْعْدِلُواْ } [ المائدة : 8 ] 


2- الظنّ بأن تحريـم ظُلم الكافرين والأمر بالعدل معهُم والإحسـان إليهم يستلزم منع البراءة منهُم وعدم بُغضهم .
وهذا غير صحيح ؛ لعدم المُلازمة بين الأمرين , فالكافر كما لا يظلم ولا يعتدي عليه فإنهُ لا يحب ولا يُوالى , ومُعاداة الكافر والبراءة منه لا تمنع الإحسـان إليه , والبر بالكافر لا يلغي بغضه والعداوة له .


3- الغلو في بُغض أصحاب البدع والذنوب والفسـاد من المُسلمين والزيـادة عن المشروع في ذلك حتى يجعل بُغضهم كبغُض الكافرين , ويتبّرأ منهُم براءة لا ولايـة ولا محبّة معها وهذا من البغي والظُلم , لأن المُسلم مهما عمل من الذنوب التي لا تُخرجه من الملّة فإن المحبّة والموالاة لهُ باقيـة وإنْ كانت ناقصة , فيُحبُّ ويُوالَى لما معهُ من الإيمان والخير ويُبغض بقدر ما معهُ من الشر .


* حُكم الإستعانة بالكُفّــار :
الإستعانة بالكُفّـار لها عدّة حالات يُمكن إجمالها فيما يلي :

1- تولية الكُفّـار ولايـة فيها سُلطة عامة على المُسلمين أو تحكم في مصالحهُم الكُبرى أو اطلاع على أسرارهم فهذه استعانة مُحرّمة , كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } [ آل عمران : 118 ]
2- استئجـار الكُفّـار للقيـام ببعض الأعمـال التي لا تؤدي إلى خطر على المُسلمين في دينهم وأخلاقهُم وأمنهم ودولتهُم كالاستعانة بخُبراتهم في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة ونحو ذلك , فهذا جائز بشرط الوثوق بأمانة من يقوم بذلك , وقد ثبت أن النبّي ـ صلى الله عليه وسلم ـ استأجر مُشركـاً مأموناً يدلّه الطريـق في الهجرة .
3- الاستعانة بالكُفّـار المأمونين في قتـال الأعداء فهذا جائز عند الضرورة .



هذا والله أعلم .. ونسأله سُبحانه أن ينفعنـا وإياكم به ()
سُبحان ربك ربّ العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين
إلى هنــا ينتهي الدرس =)
وإلى الملتقى إن شاء الله في درس جديد نستودعتكم الله الذي لا تضيع ودآئعه وردة
سبحانك اللهم وبحمدك نشهدُ أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليـــــك ..