الأحد، 5 يونيو 2011

الدرس الـــ 16ــــ : ~ الـولاء والبـراء ~ مقدم من فريق || راجيـــــات الجنة || ~



والصلاة والسلام على أشرف الأنبيـاء والمرسلين نبينـا محمد وعلى آلـــــهـ وصحبهـ وسلم أجمعيــــن


ثم أمـــا بعد ..

تحيـــــة طيبة وعطرة للجميــع وأهلاً وسهلاً بكم =)

بداية .. الولاء والبراء قاعدة من قواعد الدين وأصل من أصول الإيمان والعقيدة

فلا يصح إيمان شخص بدونهما، فيجب على المرء المسلم أن يوالي في الله ويحب في الله ويعادي في الله

فـ يوالي أولياء الله ويحبهم ، ويعادي أعداء الله ويتبرأ منهم ويبغضهم

قال صلى الله عليه وسلم : " أوثق عُرى الإيمان الحُب في الله والبغض في الله " رواهـ الطيالسي

فـ مما تقدم يتبين أن الولاء يقوم على المحبة والنصرة والاتباع ، فمن أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله

فهو ولي الله ، قال ابن عباس : من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك
ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كَثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك ، وقد صارت مؤاخاة الناس على أمر الدنيا 
 وذلك لا يجدي على أهله شيئا ..

فيتضح مما سبق ذكره أن درسنـا لهذا اليوم هو [ الولاء والبراء ]

نبدأ على بركة الله ..


معنى الولاة لغة : مصدر ولي بمعنى قُرب , والوليُّ ضد العدو ويُطلق الولى على المحب والصديق والنصير

أمـا معنى الولاة شرعـاً : محبة المؤمنين ومناصرتهم والقرب منهم .

معنى البراء في اللغة : المباعدة والعداء

معنى البراء شرعـاً : بُغض أعداء ومعاداتهم


:: مكانـة الولاء والبراء في الإسلام ::

الولاء والبراء من مُقتضيات التوحيـد ولذلك كانت له في الإسلام مكـانة رفيعة ومنزلة عظيمة قال تعالى { إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَوَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ
سورة المائدة [ 55 - 56 ]

وللـولاء والبـراء أثر كبير في توجيه تصرفـات المسلم وعلاقاته بالناس مؤمنهم وكافرهم .
وأساس الولاء والبراء مبني على أن الإسلام هو ديـن الحقّ الذي لا يقبل الله من العبـاد غيره وأن
ما سِواه من الأديـان باطلة لا يقبلهـا الله ولا يرضاها , وقد تواترت بذلك النصوص ..

قال الله تعالى { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } سورة آل عمران [ 87 ]
وقال تعالى { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } سورة آل عمران [ 19 ]
وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله
ومنع لله فقد استكمل الإيمـان " رواهـ أبو داود
وقال عليه الصلاة والسلام " أوثق عُرى الإيمان الحُب في الله والبغض في الله " رواهـ الطيالسي



:: الولاء المشروع ::


دّلت النصوص الشرعيـة على وجوب موالاة الله ورسوله والمؤمنين
كمـا قال تعالى { إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ } سورة المائدة [ 55 ]
وقال تعالى { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } سورة التوبة [ 71 ]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاث من كُن فيه وجد حلاوة الإيمـان : أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه
ممـا سواهما , وأن يحب المرءَ لا يحبه إلا الله , وأن يكره أن يعود في الكفر
كما يكره أن يُقذف في النـار " رواهـ البخاري



:: من صور الولاء المشروع ::


1- الولاء لله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ومحبتهُما , وفعل الأوامر واجتناب النواهي
والتصديق بما جاء عنهما من أخبار , والتحاكم إلى الشرع , وتعظيم حرمات الدين
والدفاع عن الإسلام , والتحذير من كل بدعـة وشائبة تلصق به .

2- محبة أهل الإسلام وموالاتهم فهي من التوحيد والإيمان ؛ إذ إن من شروط لا إله إلاّ الله
محبة هذه الكلمة ومحبة أهلها وموالاتهم .



3- محبة أهل الخير لأهل الإسلام ومناصرتهم ومناصحتهم , وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المُنكر
  والتواصل معهم والسعي في قضاء حوائجهم وتفريج كُربهم , والاهتمام بقضاياهم , والتعرف على أحوالهم
والفرح بعزتهم ورفعتهم والتألم لـ ألمهم , والدُعـاء لهم , وإصلاح ذات بينهم
وعدم ظلمهم وانتقاصهم وخذلانهم وتعزيز الشعور بالجسد الواحد والبنيان المتين
كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشُد بعضه بعضـاً وشبك
صلى الله عليه وسلم بين أصابعه " رواهـ البخاري
وقال عليه الصلاة والسلام " ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا
اشتكى عضواً تداعى له سائر جسده بالسهر والحُمى " رواهـ البخاري

4- الحرص على مابه توحيد صفوف المسلمين وجمع كلمتهم , ومن أهم عوامل ذلك الاجتماع
على ولاة أمورهم والسمع والطـاعة لولاة الأمـور بالمعروف
كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } سورة النساء [ 59 ]

وقد دّلت النصوص الشرعيـة على عظم شأن اجتماع كلمة المسلمين ولزوم جماعتهم وحذّرت من
التفرق والخروج على جماعتهم وإمامهم , كما قال تعالى { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ } سورة آل عمران [ 103 ]

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره
إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طـاعة " رواهـ البخاري

وقال عليه الصلاة والسلام " من رأى من أميره شيئـاً يكرهه فليصبر عليه فإن من فارق الجماعـة
شبراً فمات إلا مـات ميتة جاهلية " رواهـ البخاري

وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال " دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال فيما أخذ
علينـا أن بايعنا على السمع والطاعـة في منشطنـا ومكرهنـا وعُسرنـا ويُسرنـا وأثرَةٍ علينـا وأن لا ننازع
الأمـر أهله إلاّ أن تروا كُفراً بواحاً عندكم من الله فيه بُرهان " رواهـ البخاري

ومن أمثلة الولاء بين المؤمنين ما حصل من موقف الأنصـار من إخوانهم المُهاجرين رضي الله عن الجميع
الذي ذكره الله تعالى { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَة
مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } سورة الحشر [ 9 ]

فالواجب على المسلم موالاة إخوانه المسلمين ومحبتهم وعليه أن يأتي بما يستطيع من حقوق الموالاة
كمـا قال تعالى { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } سورة التغابن [ 16 ]



:: الموالاة الممنوعــــة ::

وهي موالاة الكافرين بمحبتهم ومناصرتهم على المسلمين , كما قال تعالى { لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ
الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً
وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ } سورة آل عمران [ 28 ]
وهذا نهي من الله تعالى للمؤمنين عن موالاة الكافرين بالمحبة والنصرة .


:: سبب النهي عن موالاة الكفـار ::

1- أن الكُفّـار أعداء الله تعالى , وقد أخبر الله تعالى في آيات كثيـرة عن عداوته لهم وعن لعنهم
ومقتهم وغضبه عليهم وعدم محبته لهم من ذلك قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء
تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ
خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ
وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ } سورة الممتحنة [ 1 ]
2- أن موالاة الكُفّـار دليل على الرضى بما هو عليه من الكفر , وهذا يتنافى مع الرضى
بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً .

3- أن الكُفّـار أعداء الإسلام وأهله , قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } سورة المائدة [ 51 ]
وقال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إِنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى
الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } سورة الممتحنة [ 9 ]
4- أن موالاة الكفـار سبب للركون إليهم ومناصرتهم وهذا موجب لعذاب الله وسخطه
قال تعالى { وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ } سورة هود [ 113 ]

...

هذا ونسأل الله العظيــم أن ينفعنا وإياكُم به , اللهم واجعلنا ممن اتخذك ورسولك والمؤمنين أولياء يا ربّ العالمين
واجعلنا ممن تبرّأ من الُكفر وأهله يا قوي يا عزيز يا متين
سُبحان ربك ربّ العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
إلى هنــا ينتهي الدرس ..
إلى الملتقى إن شاء الله في درس جديد نستودعتكم الله الذي لاتضيع ودآئعه ( )
سبحانك اللهم وبحمدك نشهدُ أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليـــــك ..





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق