والصلاة والسلام على أشرف خلق الله نبينـا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً
إلى يوم الدين .. ثم أما بعد :
تحيـة طيبة وعطرة للجميـع وأهلاً وسهلاً بكم أينما كُنتم
درسنـا لهذا اليوم هو [ البراء المشروع والبراء الممنـوع ]
نبدأ على بركـة الله ..
* البراء المشروع :
شرع الإسـلام البراءة والبُغض لكُل ما يُبغضه الله تعالى من الفسـاد والكُفر والمعاصي ومن تلبّس بشئ من ذلك اعتقاداً أو قولاً أو عملاً
فالمُسلم يتبّرأ أو يُبغض كُل ما يُبغضه الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما قال تعالى { وَاْللَّهُ لاَ يُحِبُّ اْلفَسَادَ } [ البقرة : 205 ]
وقال تعالى { وَلاّ يَرْضَى لِعِبَادِهِ اْلكُفْرَ } [ الزمر : 7 ]
* مجالات البراء المشروع :
للبراء المشروع والبغض مجالات عديدة يُمكن تلخيصها فيمـا يلي :
فالمُسلم يتبّرأ أو يُبغض كُل ما يُبغضه الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما قال تعالى { وَاْللَّهُ لاَ يُحِبُّ اْلفَسَادَ } [ البقرة : 205 ]
وقال تعالى { وَلاّ يَرْضَى لِعِبَادِهِ اْلكُفْرَ } [ الزمر : 7 ]
* مجالات البراء المشروع :
للبراء المشروع والبغض مجالات عديدة يُمكن تلخيصها فيمـا يلي :
1- بُغض الكافرين والبراءة منهم ومعاداتهم لأجل ما هُم عليه من الكُفر والشرك بالله تعالى , كما في قصة نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ
والتي ذكرهـا الله تعالى بقوله { قَدْ كَانَتْ لًكُمْ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فيِ إِبْراهِيمَ وَ اْلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَآؤُاْ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اْللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُواْ بِاللهِ وَحْدَهُ } [ المُمتحنة : 4 ]
2- البراءة والبغض والابتعـاد عن كُل ما يُبغضه الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأعمـال والاعتقادات المُنحرفة وجميع أنواع الشر والفسـاد من كُفر وفسوق وعصيان وبدع ومُنكرات , ومما يدخل في ذلك البُغض والمُفارقة للكُفر ووسائله وكراهة الفسوق والمعاصي والبُعد عنها وعن التشبه بأهلها .
3- بُغض أهل الفسوق والظُلم والشر والفسـاد من المُسلمين وهذا البُغض لهذا الصنف بُغض جُزئي فهو بُغض معه حُب , فَيُبْغَضُون لما قام بهم من البدع والذنوب والفسـاد والشرور , ويُحبُّون ويُوَالَون لما معهُم من الإيمان والخير والحسنات التي يُحبّها الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويعمل معهُم من طرائق النُصح والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر ما يكون سبباً لهدايتهم قال شيخ الإسلام ( وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر , وتقوى وفجور , وطاعة ومعصية , وسُنّة وبدعة , استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير واستحق من المُعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر , فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة , فيجتمع له هذا وهذا , كاللص الفقير تُقطع يدهُ لسرقته ويُعطى من بيت المـال ما يكفيه لحاجته , هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السُنّة والجماعة وخالفهُم الخوارج والمُعتزلة ومن وافقهُم فلم يجعلوا الناس إلاّ مُستحقاً الثواب فقـط وإلاّ مُستحقاً للعقاب فقط ) [ مجموع الفتاوى 28 / 209 ]
* البراء الممنـوع :
هو البراء من الله تعالى أو من رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو مما يُحبّه ويرضاه الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأعمـال والأشيـاء والأشخاص وبُغض ذلك وكراهته , فمن أبغض الله تعالى أو رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو كره الإسـلام وأهله أو أبغض شيئـاً من الشرع فليس بمُسلم ؛ بل إنّ هذا من النفاق الأكبر والعياذُ بالله قال تعالى { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كًرِهُواْ مَآ أَنزَلَ اْللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } [ محمد : 9 ]
* أخطــاء في مفهُوم عقيـدة البراء :
هُناك مفاهيـم خاطئة عند بعض الناس تتعلق بجوانب من عقيدة البراء منها ما يلي :
وهذا غير صحيح ؛ لأن بُغض غير المُسلم والبراءة منه لا يُجيز ظُلمه والاعتداء عليه ؛ لأن الله تعالى أمرَ بالعدل ونهى عن الظُلم مُطلقاً قال تعالى { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اْعْدِلُواْ } [ المائدة : 8 ]
2- الظنّ بأن تحريـم ظُلم الكافرين والأمر بالعدل معهُم والإحسـان إليهم يستلزم منع البراءة منهُم وعدم بُغضهم .
وهذا غير صحيح ؛ لعدم المُلازمة بين الأمرين , فالكافر كما لا يظلم ولا يعتدي عليه فإنهُ لا يحب ولا يُوالى , ومُعاداة الكافر والبراءة منه لا تمنع الإحسـان إليه , والبر بالكافر لا يلغي بغضه والعداوة له .
3- الغلو في بُغض أصحاب البدع والذنوب والفسـاد من المُسلمين والزيـادة عن المشروع في ذلك حتى يجعل بُغضهم كبغُض الكافرين , ويتبّرأ منهُم براءة لا ولايـة ولا محبّة معها وهذا من البغي والظُلم , لأن المُسلم مهما عمل من الذنوب التي لا تُخرجه من الملّة فإن المحبّة والموالاة لهُ باقيـة وإنْ كانت ناقصة , فيُحبُّ ويُوالَى لما معهُ من الإيمان والخير ويُبغض بقدر ما معهُ من الشر .
* حُكم الإستعانة بالكُفّــار :
الإستعانة بالكُفّـار لها عدّة حالات يُمكن إجمالها فيما يلي :
1- تولية الكُفّـار ولايـة فيها سُلطة عامة على المُسلمين أو تحكم في مصالحهُم الكُبرى أو اطلاع على أسرارهم فهذه استعانة مُحرّمة , كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } [ آل عمران : 118 ]
2- استئجـار الكُفّـار للقيـام ببعض الأعمـال التي لا تؤدي إلى خطر على المُسلمين في دينهم وأخلاقهُم وأمنهم ودولتهُم كالاستعانة بخُبراتهم في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة ونحو ذلك , فهذا جائز بشرط الوثوق بأمانة من يقوم بذلك , وقد ثبت أن النبّي ـ صلى الله عليه وسلم ـ استأجر مُشركـاً مأموناً يدلّه الطريـق في الهجرة .
3- الاستعانة بالكُفّـار المأمونين في قتـال الأعداء فهذا جائز عند الضرورة .
هذا والله أعلم .. ونسأله سُبحانه أن ينفعنـا وإياكم به ()
سُبحان ربك ربّ العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين
إلى هنــا ينتهي الدرس =)
وإلى الملتقى إن شاء الله في درس جديد نستودعتكم الله الذي لا تضيع ودآئعه
سبحانك اللهم وبحمدك نشهدُ أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليـــــك ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق