الأربعاء، 6 أبريل 2011

الدرس الـــ12ــــ : ~ الصبـــــر ~ مقدم من فريق || راجيـــــات الجنة || ~




والصلاة والسلام على أشرف الأنبيـاء والمرسلين نبينـا محمد وعلى آلـــــهـ وصحبهـ وسلم أجمعيــــن

ثم أمـــا بعد ..


تحيـــــة طيبة وعطرة للجميــع وأهلاً وسهلاً بكم أينما كنتم =)

بداية .. ورد ذكر الصبر أكثر من تسعين مرة وفي مواطن مختلفة في القرآن الكريم وذكرت كلمة الصبر 102 مرة

حيث قال تعالى { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

وقد أمر الله نبيه بالصبر وبشره وبشر الصابرين قال تعالى { فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }

وقد قرن الله تعالى الصبر بالعبادات حيث قرنه بالصلاة قال تعالى { وَاستَعِينُوا بِالصّبرِ وَالصّلاة }

قال النبي محمد صلي الله عليه وسلم : " ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر "


قال رجل للإمام أحمد :

كيف تجدك يا أبا عبد الله ؟ قال : بخير في عافية ، فقال له : حممت البارحة ؟
أي : أصابتك الحمى قال : إذا قلت لك : أنا في عافية فحسبك ، لا تخرجني إلى ما أكره
( أي انه لا يرد أن يشكي حاله فيضيع أجر صبره )


ويحث شاعر على الصبر قائلاً :
ترَدَّ رِدَاءَ الصـبر عنـد النــــــوائـبِ *** تَنَلْ مِن جميل الصبر حُسن العواقبِ
فإذا بُليتَ بعثـرة فاصـبر لهـــا *** صَبْرَ الكـريم ، فـإنّ ذلك أحــــزمُ
لا تشكُــــوَنّ إلـى الخـلائق إنّمــا *** تشكو الرحيمَ إلى الّذي لا يرحــــمُ


ومن الأمثال الشعبية قيل :
الـصبر مـفـتاح الفرج .. الصـبر بلــسم الجـروح
الصبر شجرة جـذورها مرة وثمارها حلوة .. من صبر ظــفر
مــن صبر وتـأنــي نـال ما تمنـى .. والصـبر ستـر للكروب وعون على الخطوب

فيتضح مما سبق ذكره أن درسنـا لهذا اليوم هو ( الصبــــر )

نبدأ على بركة الله ..







معنى الصبر لغة : الحبس والكفُ والمنع
أمـا معناه الشرعي : فتأتي الإشارة إليه في ذكر أنواع الصبر , إذ لكل نوع مفهوم .



✿ :: أهميـة الصبر :: ✿

لا يمكن أن تستقيم حياة امرئ بدون الصبر , فهو محتاج إليه في صلاح دينه ودنياهـ , إذ إن كل عمل لابدُ أن يكون فيه كلفة ومشقة

قلّت هذه الكلفة أو عظمت , ولابدُ لذلك من صبر يناسب العمل لمن أراد حصوله , ولذلك جاءت النصوص بالحث عليه

حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه " الصبر نصف الإيمـان " وقال العلمـاء : الإيمان نصفُ صبر , ونصفُ شكـر .



✿ :: من فضـائل الصبر :: ✿

وردت نصوص كثيرة في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان فضل الصبر وما أعده الله للصابرين
وبها تتبين منزلة الصبر في الدين وأهميته للعبد ومن تلك الفضـائل :


1- أنه ما من قربة إلا وأجرهـا بتقدير وحساب إلا الصبر , قال تعالى { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
ولأن الصوم من الصبر فإن ثوابه أيضـاً غير محسوب , قال صلى الله عليه وسلم : " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنةُ عَشْرُ أمثالها
إلى سبعِمِائةِ ضِعْفٍ , قال الله عز وجل : إلاّ الصومَ فإنه لي وأنـا أجزي به ... " رواهـ البخــاري

2- ما تضمنته هذه الآية العظيمة من البشـارة لهم , قال تعالى { وَبَشّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ ٱلَّذِينَ إِذَا أَصَـٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ
إِنَّالِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رٰجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُون }

3- معية الله الخاصة , ومحبته للصابرين , قال تعالى { وَاْصْبِرُواْ إنَّ اْللَّهَ مَعَ اْلصَّابِرِينَ } وقال عز وجل { وَاْللَّهُ يُحِبُّ اْلصًّابِرِينَ }

4- أن الصبر خير لأصحـابه , قال تعالى { وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }
وقال صلى الله عليه وسلم : " ما أعطي أحدُ عطـاءً خيراً وأوسع من الصبر " رواهـ البخـاري .

5- أن الله أوجب لهم الجزاء بأحسن أعمالهم , قال تعالى { وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَاكَانُواْ يَعْمَلُونَ }


✿ :: أنواع الصبـر ثلاثـة أقسـام :: 

1- صبر على طاعة الله عز وجل , والمراد به : حبس النفس على القيام بالطاعة والمداومة عليها ,
كالصبر على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها مع المسلمين
والصبر على إخراج الزكـاة , وبرِّ الوالدين .

2- صبر عن معاصي الله عز وجل , والمراد به : حبس النفس عن ارتكاب المعصية , ومنعها من الاسترسال مع الهوى ,
وذلك كالصبر على منع النفس من النظر الحرام ومجاهدتها في ترك المـال الحرام , والصبر على ترك الغيبة وأصحـاب السـوء .

3- صبر على أقدار الله المؤلمـة , والمراد به : حبس النفس عن الجزع والتسخط , واللسـان عن الشكوى ,
والجوارح عن فعل ما لا ينبغي كلطم الخدود وشق الثيـاب ونحوهـا , و ذلك كالصبر على فقد أخ أو قريب ,
أو فقد مـال أو على مرض , ويدخـل فيه أيضـاً الصبر على أذى النـاس
وضدهـ : التسخُّط والتشكي واستبطـاء الفرج واليـأس من روح الله والجزع الذي يؤدي إلى
فوات الأجر وتضاعف المصيبة ونقصـان الإيمـان .


✿ :: من آداب الصبـر :: ✿

الصبر على أقدار الله المؤلمة له آداب ينبغي مراعاتها , من أبرزهـا :

1- أن يكون الصبر في أول حدوث المصيبة , قال صلى الله عليه وسلم : " إنمـا الصبر عند الصدمة الأولـى "

2- الاسترجـاع عند المصيبة وهو قول " إنـَّا للَّه وإنـَّا إليه راجعون "
وقال تعالى { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }
وفي حديث أم سلمة - رضي الله عنه - أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من مسلم تصيبه مصيبة ,
فيقول ما أمره اللَّه : إنـَّا للَّه وإنـَّا إليه راجعون , اللهم أجرني في مصيبتي , واخلف لي خيراً منها إلا أخلف اللَّه له خيراً منها "
رواهـ البخـاري
قالت : فلمـا مات أبو سلمة , قلت : أيُّ المسلمين خيرٌ من أبي سلمة ؟! أوَّل بيت هاجر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ,
ثم إنِّي قلتهـا , فأخلف الله لي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رواهـ مسلم .

3- سكون الجوارح واللسـان عند حدوث المصيبة , أمـا البكـاء بدون نياحة وبدون ورفع الصوت ( جــائز )
وإن الصبر يحتاج إلى مجـاهدة وتصبُّر , سواء أكـان ذلك لفعل الطاعات , أم لترك المنكرات ,
أم للصبر على المكـاره والآفـات وأذى الناس , ولابد أن يجد المرء لذلك ثقلاً , لكنه باستمراره في طريق الصبر يعينه اللَّه على تحصيـله ,
ثم يجد عاقبته الحميدة في الدنيـا والآخرة .
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " ومن يتصبَّرْ يصبِّره اللَّه " رواهـ البخـاري .
وهو أيضـاً محتاج إلى استعانته باللَّه تعالى , فهو المصبِّر والمعين , كما قال تعالى { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ }
يعني إن لم يصبِّرك هو لم تصبر , وقال فيمـا حكاه من قول موسى لقومه { اسْتَعِينُوابِاللَّهِ وَاصْبِرُوا }



هذا وأسأل الله العظيــم أن ينفع به , اللهم وإرزقنـآ الصبر والسلوان عند المصيبـــة

اللهم وإجعلنــا ممن يرضى بقضائك وقدرك خيره وشرّه , وصبّرنـا إذا إبتلينـا يارب العالميــــــن

اللهم وأعنّـا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتكـ

إلى هنــا ينتهي الدرس ..

إلى الملتقى إن شاء الله في درس جديد استودعتكم الله الذي لاتضيع ودآئعه 0

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليـــــك ..








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق